القانون في مواجهة الذكاء الاصطناعي (دراسة مقارنة)

القانون في مواجهة الذكاء الاصطناعي (دراسة مقارنة)

القانون في مواجهة الذكاء الاصطناعي (دراسة مقارنة)

القانون في مواجهة الذكاء الاصطناعي (دراسة مقارنة)

مقدمة
لقد شهد ظهور الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر، إحداث تغييرات جذرية في العالم، نتيجة ظهور العديد من المفكرين والمخترعين الذين ابتكروا مجموعة من الوسائل والتقنيات الحديثة والمتطورة، والتي لم يسبقها مثيل في العصور البشرية القديمة.
فالثورة الصناعية التي انطلقت إبان هذه الحقبة أسهمت بشكل كبير في تحويل الحياة المجتمعية من الاقتصار ليس فقط على ما هو تقليدي؛ بل حتى على ما هو حديث ومتطور كذلك، خصوصا في مجال بلورة المنظومة الاقتصادية للبلاد، كتغيير وسائل الإنتاج مثلا وغيرها…
بيد أنه في مطلع القرن العشرين ستنطلق ثورة صناعية ثالثة، والتي من خلالها تم التطلع إلى عالم آخر، يعتمد على التكنولوجيا والرقمنة ووسائل اتصال ومواصلات حديثة. ففي هذا القرن بالذات تم اكتشاف العصر الإلكتروني الذي تولد عنه اكتشاف الكومبيوتر والأنترنت…
فقد أضحت التكنولوجيا في الوقت الراهن وسيلة العالم نحو الرقي الحضاري والاقتصادي، وأصبحت حقيقة قائمة في العالم المعاصر، حيث لم يعد الإنسان بمعزل عن الفضاء الرقمي. إنسان أضحى يسخر التكنولوجيا في أغلب معاملاته اليومية، ومن ثم صارة وسيلة لا مجيد عنها في الحياة المجتمعية.
بل أكثر من هذا، فالفرد أصبح اليوم، باستطاعته اقتناء أي شيء، وقضاء مختلف معاملاته تجارية كانت أو غيرها من منزله ومن مكان تواجده، دون الحاجة لتكبد عناء التنقل، وهذا له دلالة واضحة كون أن الرقمنة لها جانب إيجابي في حياة الأفراد، لكونها سهلت المعاملات والتعاملات بينهم، وأزالت الستار عن الكثير من الأشياء… ولعل رهان الدول في الوقت الراهن ينحو منحى تطوير منظومتها الداخلية والخارجية، ومختلف أجهزتها بما يتماشى وعصر الرقمنة، محاولة منها مواكبة التقدم السريع للتكنولوجيا الذي
يسير في تزايد مستمر يوما عن يوم…على اعتبار أن الرقمنة أثبتت نجاحات باهرة في شتى المجالات اقتصادية كانت أو اجتماعية وغيرها…
فالعالم الآن، وصل ذروة التقدم التكنولوجي الهائل غير المسبوق، والذي انعكس على مختلف مناحي الحياة، وكل مجال من المجالات أضحى يتعاقب عليه أجيال التقدم التكنولوجي، ما جعلنا نعيش بحق زمن التغيير الكبير، كل شيء يتغير، تفاصيل حياتنا تخضع للتغيير، أنماط التفكير
تتعدل…والرقمنة هي من تؤدي كل هذه الأدوار المهمة”.
لم تكتف الثورة الرقمية بهذا فحسب؛ بل إن تطورها وسيطرتها على العالم والأفراد، فرض الحديث عن ثورة صناعية أخرى من الجيل الجديد، أو ما يمكن تسميتها بالثورة الصناعية الرابعة والتي ظهرت في أواخر القرن العشرين، فالعقل البشري لم يتوقف عن التفكير، بل إنه ما زال يوما بعد يوم يبحث عن التغيير و التجديد، مما أسهم هذا الذكاء البشري في ظهور ما يعرف بـ” الذكاء الاصطناعي”.
وقبل الغوص في معرفة ما المقصود بالذكاء الاصطناعي، ينبغي الإشارة إلى كون موضوع دراستنا ينصب حوله، غير أنه لن نجعل هذا الموضوع بمعزل عن القانون بل إن الذكاء
الاصطناعي سيكون له ارتباط وثيق بالنصوص القانونية، وهو ما نستشفه من خلال قراءتنا للعنوان:
“القانون في مواجهة الذكاء الاصطناعي”.
فالقواعد القانونية تظل قواعد مرسومة لتنظيم مجتمع من المجتمعات، وسلوكيات أفراده، في حين أن الذكاء الاصطناعي يعد وليد التكنولوجيا، ونابعا من العقل البشري المفكر والمبدع، الذي حاول أن يبدع ويتوصل إلى ذكاء ثان يحاكيه، ليس بذكاء حقيقي وإنما هو اصطناعي ليس إلا، لكن بالرغم من ذلك لا يمكن أن نتصوره بمعزل عن القانون، بل كل ما في الأمر أن يتم جعله محتكما للنصوص القانونية.
و يعني هذا أنه مهما تطورت تقنيات الذكاء الاصطناعي، ومهما حاولت التقدم والتعلم الآلي، ستجد دائما القواعد القانونية التي تحكمها، وتضبط سلوكياتها داخل دولة ما، حتى تتحقق مقولة “دولة الحق والقانون”.
وهذا ما أدى بنا لدراسة أهم المفاهيم التي وردت في العنوان، على اعتبار أن “الذكاء الاصطناعي”، هو من المفاهيم التي ما زالت غير منتشرة بشكل كبير، مما تطلب منا ضرورة تبيان ماهية الذكاء الاصطناعي؟
فالذكاء الاصطناعي يتكون من كلمتين، “الذكاء” و”الاصطناعي”: فكلمة “الذكاء Intelligence ” تعني:
لغة: ذكا يذكو ذكاء، وذكو فهو ذكي، فيقال صبي ذكي إذا كان سريع الفطنة، وقال ثعلبة بن صعير المازني يصف ظليما ونعامة: سرعة الفطنة فتذكرا ثقلا رثيدا، بعدما ألقت ذكاء يمينها في كافر والذكاء، ممدود: حدة الفؤاد. والذكاء:
أما اصطلاحا: فهو القدرة على فهم الظروف أو الحالات الجديدة (أو المتحولة)، أو بتعريف أكثر شمولا، يعني الذكاء القدرة على إدراك وفهم وتعلم الحالات أو الظروف الجديدة، أي أن مفاتيح الذكاء هي الإدراك، الفهم، والتعلم.
أما كلمة الاصطناعي:
لغة: صنعه يصنعه صنعا، فهو مصنوع وصلع: عمله، ويقال: اططلع فلان خاتما إذا سأل رجلا أن يصنع له خاتما، وقال تعالى: “صنع الله الذي أتقن كل شيء”، وقوله أيضا:
“واصطنعتك لنفسي”.

أما اصطلاحا: فيرتبط بفعل يصطنع، وبالتالي تطلق الكلمة على كل الأشياء التي تنشأ نتيجة
النشاط أو الفعل التصنيفي تمييزا عن الأشياء أو الظواهر الطبيعية الموجودة بالفعل والتي ليس لها علاقة مباشرة بتدخل الإنسان.
بصفة عامة الذكاء الاصطناعي هو الذكاء الذي يصنعه أو يصطنعه الإنسان بيده في الآلة أو الحاسوب، بمعنى أنه علم يعرف على أساس هدفه وهو جعل الآلات (منظومات الحاسوب) تعمل أشياء تحتاج ذكاء”.
وقد عرفه “ماكارثي” بأنه : “اسم يطلق على مجموعة من الأساليب والطرق الجديدة في برمجة الأنظمة المحاسبية، التي تستخدم لتطوير أنظمة تحاكي بعض عناصر ذكاء الإنسان، وتسمح لها بالقيام باستنتاجية عن حقائق وقوانين يتم تمثيلها في ذاكرة الحاسب”.
وقد عرفه كذلك “Alun Turing” بأنه :” القدرة على التصرف كما لو كان الإنسان هو الذي يتصرف من خلال محاولة خداع المستجوب، وإظهار كما لو أن إنسانا هو الذي يقوم بالإجابة على الأسئلة المطروحة من قبل المستجوب”.
وفي تعريف آخر للفقيه ” Elaine Rich” عرفه بأنه:” دراسة لجعل أجهزة الكومبيوتر تؤدي أشياء يقوم بها الإنسان بطريقة أفضل “.
وعرفه ” Marvin Lee Minsky” بأنه:” بناء برامج الكومبيوتر التي تنخرط في المهام التي يقوم بها البشر بشكل مرضي، لأنها تتطلب عمليات عقلية عالية المستوى كالإدراك الحسي، التعلم، تنظيم الذاكرة والتفكير النقدي”
والملاحظ من هنا، أن الذكاء الاصطناعي أعطيت له تعاريف عدة، وليس هناك أي اتفاق حول مفهوم محدد للذكاء الاصطناعي، غير أن أغلب هذه التعاريف تنفق على أن الذكاء
الاصطناعي يتمثل في أجهزة الكومبيوتر التي تؤدي مهام بشرية بطريقة مقبولة وبشكل أفضل.
من هنا يمكننا أن نعرف الذكاء الاصطناعي بأنه:” نظام آلي محوسب، يحاكي الذكاء البشري، قد يكون موازيا له في بعض الحالات، وقد يفوقه أحيانا كثيرة، و يجد مجال اشتغاله في ما هو رقمي أو افتراضي، بحيث يؤدي أدوارا عدة، أكثر من هذا قد يقوم ببعض المهام التي يستعصي على الإنسان القيام بها نظرا لمجالها التقني الذي يتطلب الوضوح والدقة والسرعة.”
ولذلك، فإن الذكاء الاصطناعي أصبح من أهم المفاهيم الحياتية، فهو في تطور مستمر، نتيجة للتقدم السريع للتكنولوجيا، مما جعله هو المحور الأساس للرقمنة، وحلقة مهمة في حياة الإنسان، ولا يمكن الاستغناء عنه بأي وجه من الأوجه، لما له من دور ملحوظ في المجتمع، لكونه حاول أن يزيل الستار عن كثير من الأشياء التي كان الإنسان يجهل القيام بها بمفرده.
فليس كل ما هو آلة هو ذكاء اصطناعي، وليس كل ما هو ذكاء اصطناعي هو آلة، بل إن الذكاء الاصطناعي هو نظام آلي محوسب يقوم على برمجيات وبرامج، تمكنه من أن تحاكي الذكاء البشري، بشكل مستقل وبناء على نظام التعلم العميق، دون الحاجة إلى تدخل الإنسان في مهامها، إلا
في بعض الحالات النادرة.
أما الآلة قد تكون من جهة ذكاء اصطناعيا، وهنا نصبح نتحدث عن نظام ذكي، لكن من جهة أخرى قد تكون هذه الآلة غير متوفرة فيها أدنى مواصفات الذكاء الاصطناعي، وهنا نصبح نتحدث عن الآلة المسخرة لخدمة الإنسان، والتي لولا تدخل اليد البشرية في إعطائها المهام أو تحريكها لما استطاعت التحرك من مكانها.
هذا، وقد نص ” البند د ” من قانون الروبوتات الصادر عن الاتحاد الأوروبي لسنة 2017، على أنه:”… زادت مبيعات الروبوتات بين عامي 2010 و 2014 بمعدل 17% سنويا ، فقد شهدت في عام 2014 أعلى زيادة سنوية لهـا (29%) وأن مـوردي السيارات وقطاع الكهرباء /الإلكترونيات هما المحركان الرئيسيان لهذا النمو ؛ في حين أن العدد السنوي الطلبات براءات الاختراع في مجال الروبوتات قد تضاعف ثلاث مرات خلال السنوات العشر الماضية.
ويتضح هذا الطرح، من خلال تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي أصبحنا نلمسها من حولنا وفي كل مكان، وفي شتى المجالات الاقتصادية، الاجتماعية، الصحية…ويتعلق الأمر بالهواتف الذكية، وبالسيارات ذاتية القيادة، السفن الذكية، الطائرات الذكية بدون طيار، التحكم اللاخطي (كالتحكم في السكك الحديدية)، برامج الحاسوب، تطبيقات الهواتف الذكية، والإنسان الآلي، وغيرها…
فالذكاء الاصطناعي بات جزء لا يتجزا عن حياتنا اليومية، وأصبح مفروضا على الإنسان، لما له من مزايا عدة لا يمكن نكرانها، زد على ذلك أن الإنسان كان وما زال يبحث عن التطور، والعقل البشري لا يمكن أن يتوقف عن الإبداع والاختراع، ولولا استخدامه لملكة العقل والفكر، لما
استطاع أن ينتج لنا ذكاء اصطناعيا يهدف للقيام بدور مهم في المجتمع، وهذا ما سنحاول أن نوضحه من خلال الأدوار المحورية للذكاء الاصطناعي.
, التطور التاريخي:
إن مصطلح الذكاء الاصطناعي ليس بحديث العهد، فقد تنبأ له الفيلسوف الفرنسي “بول فاليري Poul Valery” في دفاتره الشهيرة في بداية القرن التاسع عشر بقوله ” كل إنسان هو في طور التحول ليصبح آلة، لا بل الأصح هو أن الآلة هي التي بصدد تطورها لتتحول إلى إنسان”،
فكانت هذه المقولة أول طرح فعلي لإشكالية مستقبل الآلة في تعايشها مع الإنسان، وسجل هذا التساؤل أول طرح في مجال الذكاء الاصطناعي.
كما يعود هذا المصطلح لعلم الرياضيات الذي يقوم على عدة مجالات؛ الحوسبة، المنطق، والنظرية الاحتمالية، والجبر الذي تأسس على يد العالم “الخوارزمي”. وفي عام 1956 عقد مؤتمر بجامعة دارت موث ( Dartmouth Colleg)، واقترح فيه “جون ماركثي” ( Joh Mccarthy)، استخدام مصطلح الذكاء الاصطناعي(Intelligence Artificielle من أجل وصف الحاسبات الآلية ذات المقدرة على أداء وظائف العقل البشري، لذا تشمل نظم الذكاء الاصطناعي على كل الأفراد والإجراءات والأجزاء المادية للحاسب الآلي، والبرمجيات والبيانات والمعرفة المطلوبة وتطوير نظم الحسابات الآلية ومعدات تظهر خصائص الذكاء، وفي عام 1973 ظهر أول نظام للذكاء الاصطناعي، ويتعلق الأمر بنظام “HEARSAY” للتعرف على الكلام؟.
وقد عرفت البوادر الأولى للشبكة العالمية ازدهارا مع بداية التسعينات، نتج عنها ظهور أول ثورة روبوتاتية قادرة على التعلم وتبني التغييرات التي تحدث في البيئة المحيطة بها، وما أن حلت بداية 2000 ظهرت معها أنظمة ذكية تسيطر على العالم في جميع بقاع العالم، حتى وجدت قبولا
من كل الدول، من بينها الدول العظمي كبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية والصين…الذين يعدون من الدول الرائدة في هذا المجال.
أما الدول العربية، فبالرغم من أن أغلبها ما زالت لم تعرف هذا المجال بشكل كبير، إلا أننا نجد على رأسهم الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية18، اللذان يبذلان كل جهدهما في سبيل تطوير منظومتهما بما يتماشى مع تقنيات الذكاء الاصطناعي.
, أهمية الموضوع:
إن موضوع دراستنا هذا، يكتسي أهمية بالغة في واقعنا الحالي، وهذه الأهمية يمكن توضيحها في ما هو علمي، وفي ما هو عملي. فبالنسبة للأهمية العلمية، بالرغم من غياب نصوص قانونية تنظم لنا الذكاء الاصطناعي، فإن هذا لا يعني أنه لن يكون له تشريع خاص ينظمه، على اعتبار أن الدول حاليا تسعى لتطوير منظومتها الداخلية بناء على تقنيات الذكاء الاصطناعي، ولعل الإمارات العربية المتحدة خير دليل على هذا، حيث تعتبر المثال الأبرز في مجال الذكاء الاصطناعي، بتبنيها التحول الإلكتروني في العمل الحكومي، والاستثمار في التكنولوجيا من أجل دعم الاقتصاد في الرأسمال البشري، أما على المستوى الوطني، فإن التشريع المغربي ما زال متأخرا في سنه مقتضيات قانونية تتعلق بالذكاء الاصطناعي، وهذا لا يعني أن تطبيقاته لم يتبناها بعد، بل إنه في كثير من المناسبات يؤكد على تبني النظم الذكية والوسائل التكنولوجيا الحديثة، بما يسد معه حاجيات البلاد.
وهذه الأهمية إن دلت على شيء فإنما تدل على كون النصوص القانونية لها أهمية بالغة في المجتمع، مما يعني أن التشريعات ينبغي عليها مواكبة تقنيات الذكاء الاصطناعي وتواجهها بالنصوص القانونية الواجبة التطبيق، فالأهمية العلمية لموضوعنا لا تتوقف فقط عند تقنيات الذكاء الاصطناعي بل تتعداه إلى البحث عن النصوص القانونية الملائمة الصالحة للتطبيق عليها.
أما من الناحية العملية، فإن الواقع العملي أثبت فعلا أن الذكاء الاصطناعي أزال الستار عن كثير من الأمور التي ما كان الإنسان ليفعلها لولا هذه النظم الذكية، بحيث يقوم بتشخيص الأمراض الصعبة التي استعصى على الإنسان معالجتها، كما يقدم استشارات قانونية ومهنية في عدة مجالات، كما يسهم في صنع القرارات التي تتميز بالدقة والاستقلالية والموضوعية، زد على ذلك أن تدخل الذكاء الاصطناعي أحيانا في بعض المسائل الخطرة، يسهم بشكل كبير في التخفيف على الإنسان الكثير من المخاطر التي لولا الذكاء الاصطناعي لكان الإنسان لقي حتفه، وأخيرا يمكن أن يسهم في تحقيق التنمية المستدامة بشكل يجعل الاقتصاد الوطني أو العالمي يزدهر وينمو، هذا من جهة.

  • في 13 تير 2022 تم إعطاء الانطلاقة الرسمية للخدمات الإلكترونية الجديدة لوزارة العدل والحريات والتي ستدخل حيز التنفيذ بداية شهر کتوبر، والتي تضم ست السد العلى شكل الكتروني عن طريق تطبيق ذكي يسمى ب ” السجل العدلي” وهذا التطبيق يعطى للمستخدم الاختبار من طلبه وتوصله عن طريق البريد المضمون، أو طلبه والذهاب للمحكمة التسلمه، أو التوسل به عن طريق البريد الالكتروني، وفي هذه الحالة الأخيرة لك من أن طالب السجل الالكتروني هو نفسه الذي يقف خلف شاشة الهاتف تم إحداث لهذه الغاية تطبيق ذكي آخر سمي “بالهوية الرقمية” المعد من قبل المديرية العامة للأمن الوطني، والهدف منه هو التعريف بالشخص الذي يريد تحميل السجل العدلي بطريقة الكترونية وذلك باستعمال بطاقة التعريف الوطنية الإلكترونية، بحيث أن هذا التطبيق يطلب من المستخدم الإدلاء بطاقته الوطنية، بعدها يدخل الرقم السري الذي يتم إرساله له مقرة بعدها تم إعطاء جمع البيانات والمعلومات من قاعدة الأمن الوطني التي تخص فقط السجل العدلي، ويتم دفعها في قاعدة البيانات المتواجدة في المحاكم، فداك يتسلم الشخص سجله العلي الكترونيا، وكذا الاطلاع على المرجع الوطني للمهن القانونية والقضائية للبحث عن مختلف المشتغلين في هذه المهن، بالإضافة إلى هذا يمكن للمواطنين أداء المخالفات المرتبطة بقوانين السير التي يحددها الرادار الثابت الكترونيا، كما وفر موقع خدمة مركز النداء لوزارة العدل والحريات
    أما من جهة ثانية فالنصوص القانونية هي الأخرى تسهم بشكل كبير في تنظيم حياة الأفراد داخل المجتمع، ولا يمكن أن نتصور مجتمع بدون قواعد قانونية تحكمه، فلولاها لكنا سنعيش في مجتمع فوضوي…لكن بفضل هذه القواعد تم جعل المجتمع يعم فيه الأمن والسكون والطمأنينة،
    نفس الأمر بالنسبة لتقنيات الذكاء الاصطناعي فلولا النصوص القانونية التي ستنظمها مجالات اشتغالها، ستنتج عنها عواقب وخيمة ناتجة عنها دون أدنى محاسبة، لذلك فالقانون يعد القلب النابض لمواجهة تقنيات الذكاء الاصطناعي وسيزرع الثقة في نفوس الأفراد، إذا ما علموا أن هذه التقنيات تحكمها قوانين خاصة.
    إشكالية الموضوع:
    يعد الذكاء الاصطناعي من أهم المواضيع المطروحة في الساحة القانونية لما له من أهمية بالغة في المجتمعات بصفة عامة، ولكونه الحلقة الأساس للتطور والرقي والازدهار المجتمعي في ظل ما يعرفه من تقدم في المجال الرقمي، فالرقمنة أسهمت بشكل لا ريب فيه في تغيير نمط العيش داخل أي مجتمع من المجتمعات.
    وإذا كنا لا ننكر إيجابيات الذكاء الاصطناعي في حياتنا اليومية، فإن سلبيات، ولعل هذه هي الغاية الأساس من هذه الدراسة، أي معرفة قدرة القواعد القانونية على مواجهة تطورات الأنظمة الذكية، وهذا الطرح دفع بنا إلى وضع إشكالية محورية تتمثل في:
  • مدی استطاعة القواعد القانونية العامة مواجهة تقنيات الذكاء الاصطناعي.
    تتفرع عن هذه الإشكالية مجموعة من الفرضيات تتجلى فيما يلي:
    تقنيات الذكاء الاصطناعي تعرف تزايد ملحوظ في ظل انتشار التكنولوجيا، فهي تقوم بأدوار إيجابية في شتى المجالات منها المجال القانوني، من هنا نتساءل هل تكتفي بهذه الأدوار فقط أم تتعداها إلى التأثير على هذا المجال وأخص بالذكر حقوق الإنسان المنظمة قانونا؟
    2- بما أن تقنيات الذكاء الاصطناعي تقنيات حديثة، فهل يمكن مساءلة الذكاء الاصطناعي مدنيا وجنائيا في ظل إشكالية منحه الشخصية القانونية من عدمها؟
  • وكما هو معلوم فإن كل بحث قانوني يتطلب بالأساس اتباع منهج معين يعتمد عليه في دراسة أي موضوع، وذلك بهدف سلك طريق يؤدي به إلى الإجابة على الفرضيات المثارة من قبل مشكلة البحث.المناهج المعتمدة:لقد اعتمدنا على تعددية منهجية، أخذت بعدا ثلاثيا حيث نستعين تارة بالمنهج التحليلي لكي نستطيع من خلاله تحليل مختلف الجوانب التي تتعلق بموضوع الذكاء الاصطناعي في علاقته بالقانون، على اعتبار أن القانون يبقى على رأس أي مستجدات تطرأ على أرض الواقع، لذلك فإنه لا يمكن أن نتصور الذكاء الاصطناعي يؤدي مهامه بمعزل عن النصوص القانونية، محللين كذلك الأدوار التي يقوم بها الذكاء الاصطناعي في الأنظمة القانونية، بالإضافة إلى إمكانية تأثيره عليها، استعانتنا ببعض نصوص القواعد العامة لتحليلها والبحث في إمكانية اسقاطها على الذكاءالاصطناعي، لمعرفة مدى ملاءمتها معه، خصوصا في الجانب المتعلق بالمسؤولية القانوني.و تارة أخرى، بالمنهج المقارن الذي حاولنا من خلاله المقارنة بين النصوص القانونية والقواعد العامة لبعض التشريعات الوطنية والدولية، لنبين مكانة الذكاء الاصطناعي فيها، إذا ما علمنا أنه ليس هناك إطار قانوني صريح ينظم الذكاء الاصطناعي، زد على ذلك من خلال هذا المنهج حاولنا الاطلاع على تجارب الدول العربية والأجنبية الرائدة في مجال الأنظمة الذكية أو الذكاء الاصطناعي، لنبين هل حقا المملكة المغربية بدورها ستقوم بتبني هذه التجارب وستعتمد على نظم ذكية في الأيام القادمة، بهدف الارتقاء بالاقتصاد الداخلي للبلد، إذا ما قلنا على أن الذكاءالاصطناعي له ارتباط وثيق بمجال الاستثمار، والذي يعد الحلقة الأساس لعجلة الاقتصاد، وهل النصوص القانونية التي سنها المشرع ستكون كافية لمواجهة هذه التقنيات؟خطة البحث:وفي سبيل البحث عن الإجابة على كافة التساؤلات المطروحة في هذا الموضوع، بالاستناد على المناهج المحددة، التي تنير لنا الطريق الأمثل لإيجاد الحلول والخروج في نهاية المطاف بحل لجميع التساؤلات التي أثرناها او سنثيرها في ما هو أتي من الموضوع، ارتأينا الاعتماد على تقسيمثنائي للموضوع يتمثل في:الفصل الأول: تجليات الذكاء الاصطناعي وتأثيره على الأنظمة القانونيةالفصل الثاني: المسؤولية القانونية للذكاء الاصطناعي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى