برلمان الاتحاد الأوروبي طريق إلى التكامل الأوربي

برلمان الاتحاد الأوروبي طريق إلى التكامل الأوربي

برلمان الاتحاد الأوروبي طريق إلى التكامل الأوربي

المقدمة
على الرغم من إن التكامل السياسي أو الاقتصادي هو إحدى الطرق الرئيسية في كل زمان ومكان لحل الكثير من المشاكل التي تنشأ بين المجتمعات البشرية ولتحقيق التقدم والرفاهية فيها، فإن وجود الإرادة فقط لدى أطراف العملية التكاملية ليس بكاف لبدئها أو إنجاحها. إن العملية التكاملية كظاهرة سياسية موضوعية لا تنجح من تلقاء نفسها إنها تحتاج إلى اختيار الوقت المناسب وإتباع المنهج الملائم للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية للمجتمعات التي تتحرك فيها وتحتاج كذلك إلى مؤسسات خاصة واختصاصات معينة ومنسجمة مع أهداف العملية التكاملية.
وإذا كانت الدولة الوطنية التي ظهرت في أوروبا، منذ معاهدة ويستفاليا عام ١٦٤٨، هي إحدى المؤسسات الرئيسية لحل المشاكل التي كانت تعاني منها أوروبا على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية آنذاك، فإن هذه الدولة أصبحت منذ الحرب العالمية الأولى، وفي أوروبا الغربية على الأقل، سببا في خلق المزيد من المشاكل السياسية والاقتصادية. فقد أصبح مصير أوروبا يتوقف على تجاوزها أو إيجاد البدائل لها، ولو في بعض المجالات المهمة، مثل المجال الاقتصادي.
ونتيجة لويلات الحرب العالمية الثانية ونتائجها السياسية والاقتصادية والإستراتيجية الأوروبية والعالمية، فإن أوروبا اتجهت نحو تطبيق الفكرة الأساسية التي كانت تطرح باستمرار منذ القرن الثالث عشر تقريبا، إلى جانب أفكار أخرى لحل المشاكل الأوروبية الأمنية والسياسية، وهي فكرة تأسيس إتحاد يجمع بين الدول الأوروبية. ولم تجد الفكرة طريقها للتطبيق والنجاح لأسباب عدة، منها سياسية، ومنها اقتصادية، ومنها منهجية …..الخ.
لم يكن في مقدور الدول الأوروبية النجاح، هذه المرة، في البدء بعملية التكامل والوحدة وتأسيس الاتحاد الأوروبي لولا تفاعل وتضافر عدة عوامل منها السياسي والاقتصادي، ومنها ما يتعلق باختيار المنهج التكاملي الملائم لأوضاعها ، ومنها ما يتعلق بالهيكلية المؤسسية الصحيحة والفعالة المؤسسات الاتحاد وفيما يتعلق بالعامل الأخير البناء المؤسسي للاتحاد الأوروبي) فقد حرص الآباء المؤسسون، منذ البداية، على بناء مؤسسات ذات هياكل وصلاحيات واضحة لإدارة العملية التكاملية على أحسن الوجه، ولكي تحل تدريجيا محل الدول الأعضاء بالنسبة إلى ممارسة السيادة التي يتم التنازل عنها من قبل الدول الأعضاء، كلما كان ذلك ضروريا لتحقيق أهداف العملية التكاملية.
ويعتبر البرلمان الأوروبي من بين المؤسسات الرئيسية التي تم إنشاؤها منذ البداية في هذا الإطار، أملا في أن يساهم بشكل فعال، وكمؤسسة ديمقراطية، في رفع مستوى العلاقات بين المجتمعات البشرية إلى مستوى العلاقات الدولية التي لا تزال عملية صنع القرار فيها مقتصرة بشكل رئيسي على الأروقة الدبلوماسية والدبلوماسيين.

وقد لعبت هذه المؤسسة الفريدة طوال مسيرة التكامل الأوروبي دورا بارزا حتى أصبحت محط أنظار السياسيين والأكاديميين الأوروبيين، وأصبحت محل جدل واسع حول دورها وتأثيرها في عملية التكامل الأوروبي، الأمر الذي أدى إلى إجراء مئات البحوث والدراسات حولها في أوروبا. ولكن ما يلفت النظر هو عدم الاهتمام الكافي بهذه المؤسسة ودورها في مؤسساتنا الأكاديمية والبحثية، ورغم وجود عمليات تكاملية سياسية واقتصادية عديدة في منطقتنا . ولهذا سنحاول ومن خلال هذه الأطروحة أن نساهم في سد جانب من هذه الثغرة معتمدين على تجربة البرلمان الأوروبي الذي راهن الأوروبيون عليه لتحقيق أهدافهم في العملية التكاملية.
أهمية موضوع الأطروحة
ميزة تجربة الاتحاد الأوروبي هي أنها حققت أهدافها من خلال تبنيها منهجاً وآليات مبتكرة وملائمة لأوضاع الدول المشاركة، ساعدتها على التغلب على معظم الصعوبات التي واجهتها خلال مسيرتها الطويلة.
وقد ابتكرت مؤسسات فريدة من نوعها على صعيد القانون الدولي، مثل البرلمان الأوروبي، لتصبح أدوات فعالة لإنجاح التجربة وإيصالها إلى عتبة الوحدة الكاملة، في الوقت الذي
عجزت فيه محاولات تكاملية ووحدوية إقليمية أخرى، مثل جامعة الدول العربية، في الوصول إلى غاياتها الوحدوية، رغم أن عوامل الوحدة والاندماج بين الدول العربية، مثل اللغة والدين والأرض والتاريخ، هي أقوى من مثيلاتها في الدول الأوروبية المشاركة في الاتحاد الأوروبي، ورغم أن تجربة جامعة الدول العربية سابقة لتجربة الاتحاد الأوروبي بسنوات.
ومن هنا تبرز أهمية دراسة الاتحاد الأوروبي بشكل عام، وهيئاته التمثيلية البرلمان الأوروبي بشكل خاص بالنسبة لتجارب وحدوية أخرى، وذلك للوصول إلى أجوبة عن أسئلة جوهرية مثل: لماذا وكيف نجح الأوروبيون في تحقيق التكامل بينما عجز الآخرون عن ذلك؟ وكذلك تبرز أهمية دراسة البرلمان الأوروبي ودوره في عملية التكامل الأوروبي في وقت قررت فيه جامعة الدول العربية منذ عام ٢٠٠٥ إنشاء برلمان عربي إقليمي على غرار البرلمان الأوروبي، الأمر الذي يضفي أهمية إضافية على دراسة البرلمان الأوروبي، وذلك من خلال استخلاص العبر والدروس من تجربة هذا البرلمان، والقيام بالتالي بعملية تقييم البرلمان العربي وتحديد جوانب الضعف والقوة في نظامه الأساسي والدور الذي من المؤمل أن يلعبه في تحقيق أهداف الجامعة.

للتحميل بصيغة PDF اضغط هنا

برلمان الاتحاد الأوروبي طريق إلى التكامل الأوريي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى